يُحتفل في 12 جانفي من كل عام برأس السنة الأمازيغية، حيث يعد هذا اليوم مناسبة لإبراز الهوية الأمازيغية وتمسكهم بثقافتهم. يعكس هذا اليوم وحدة الأمازيغ في دول شمال إفريقيا، ويمثل فرصة لتعزيز الروابط بين الشعوب.
يؤكد الباحث الجزائري بسماحة عبد الحميد المتخصص في الأدب الشعبي والأنثروبولوجيا على أهمية جانفي في تعزيز التسامح بين الشعوب. يوضح عبد الحميد أن هذا اليوم يمثل فرصة لِتجسيد ثقافة التسامح بين الأمازيغ والعرب. ويضيف أن جانفي يعد أحد المواعيد الثقافية التي تعكس الخصائص المشتركة بين الثقافات الجهوية في شمال إفريقيا.
تربط بعض الأساطير التاريخ بالعدالة الاجتماعية التي تعكسها الاحتفالات بـ جانفي. تعبر هذه الأساطير عن العلاقة العميقة بين الأسطورة والتاريخ وكيفية تأثيرهما على فكر الشعوب. من بين القصص التي تفسر الاحتفال بـ جانفي، هناك رواية تحكي عن انتصار الملك الأمازيغي شيشناق على رمسيس الثاني، وهناك أيضًا رواية أخرى تتحدث عن امرأة عجوز تحدت الطبيعة. الأسطورة الثالثة ترتبط بازدهار الموسم الفلاحي.
يتناول الباحث الجزائري محمد بغداد أهمية هذه المناسبة في تعزيز التلاحم الاجتماعي. يرى بغداد أن المناسبات الاجتماعية مثل جانفي تمثل فرصًا لتوثيق الأسس التي تستند إليها المجتمعات الكبرى.
يُعد تاريخ المصاهرة بين العرب والأمازيغ نقطة أساسية في تعزيز العلاقة بين الثقافتين. بوزيد بومدين، أستاذ الفلسفة في كلية العلوم الاجتماعية بالجزائر، يشير إلى دور الأمازيغ في نشر الإسلام في الأندلس و إفريقيا. كما يرى بومدين أن القرابة التاريخية بين العرب والأمازيغ تمثل أساسًا قويًا للتعايش والتفاعل بين الثقافتين، ويعتقد أن الاحتفال بـ جانفي يعزز من القيم المشتركة بينهما.
في 2018، احتفلت الجزائر رسميًا برأس السنة الأمازيغية لأول مرة، وذلك بناءً على قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. أصبح 12 جانفي يومًا رسميًا مدفوع الأجر لجميع الجزائريين، مما يعزز من الوحدة الوطنية ويمثل خطوة مهمة في دعم الهوية الثقافية الأمازيغية.
يُعد الاحتفال بـ جانفي في شمال إفريقيا بمثابة تقليد ثقافي يُعزز من الروابط الأسرية والاجتماعية. في هذا اليوم، يتبادل الأفراد الأطباق التقليدية مثل الكسكي بين الجيران والعائلات، مما يعكس تلاحم المجتمعات.
يبقى 12 جانفي تاريخًا مهمًا للاحتفال في الجزائر وغيرها من دول شمال إفريقيا. يساهم هذا اليوم في تعزيز الهوية الأمازيغية ويعكس روح التضامن بين الشعوب. يمثل جانفي أيضًا مناسبة لإعادة التأكيد على التقاليد الثقافية والتاريخية المشتركة بين العرب والأمازيغ، مع توجيه رسالة أمل نحو المستقبل.