تاريخ الدولة العثمانية مليء بالمعارك والفتوحات، حيث كانت الهيمنة العثمانية تمتد لتشمل دولًا ومناطق متعددة. واحدة من أبرز هذه المعارك هي معركة قونية التي جرت في عام 1832، والتي شكلت نقطة تحول مهمة في الصراع بين مصر والدولة العثمانية.
في عام 1820، شهدت بعض المدن اليونانية حالة من الاستياء من الحكم العثماني، مما دفع السلطان محمود الثاني إلى إرسال جيش يقوده خورشيد باشا لقمع هذه الثورات. ومع ذلك، لم تسجل هذه الحملة نجاحًا، مما استلزم الاستعانة بمحمد علي باشا لتجهيز جيش قوي. بالفعل، توجه الجيش للقتال في منطقة المورة.
استطاع إبراهيم باشا، ابن محمد علي، استعادة السيطرة على أثينا، إلا أن التدخل الأوروبي لدعم الثوار أسفر عن معركة نارفين، حيث تكبد أسطول محمد علي خسائر فادحة. وبناءً على ذلك، طالب محمد علي بحكم الشام كتعويض، لكن السلطان العثماني رفض هذا الطلب، مما دفعه لتوسيع نطاق حملاته العسكرية في الشام.
في 12 ديسمبر 1832، اقترب الجيش العثماني من مدينة قونية، حيث قام إبراهيم باشا بالقيام باستطلاع لاختبار قوة العثمانيين. بعد تقييم نقاط ضعفهم، قرر الهجوم. على الرغم من الطقس الصعب، تمكن الجيش المصري من تنظيم صفوفه وبدأ الهجوم على القوات العثمانية.
تمكنت القوات المصرية من فرض السيطرة بشكل تدريجي، مما أجبر العثمانيين على الهروب نحو الشمال وسط فوضى عارمة. ومع تسديد المصريين لضربات قوية، استسلم العثمانيون وأُسر العديد من قادتهم، مما شكل بداية انهيار جيشهم في المعركة.
أسفرت معركة قونية عن انتصار كبير للجيش المصري، حيث تمكن إبراهيم باشا من التقدم نحو مدن جديدة، بما في ذلك كوتاهية وماغنيسيا. وفي الوقت ذاته، كان العثمانيون يحاولون البحث عن دعم من القوى الأوروبية، مثل روسيا وبريطانيا، لمواجهة التقدم المصري. أدت هذه الأحداث لاحقًا إلى تصاعد النزاع الأوروبي حول القضية المصرية، مما أسفر عن توقيع اتفاقية كوتاهية وبدء الحملة الفرنسية.
تعتبر معركة قونية بمثابة فصل محوري في تاريخ الصراع المصري العثماني، حيث قضت على الهيمنة العثمانية في المنطقة لفترة من الزمن وأظهرت القوة المتزايدة لمصر تحت قيادة محمد علي باشا.